الاثنين، 4 أبريل 2011

إلى من يهمه أمن هذا البلد واستقراره

أراقب الأحداث من بعيد، ولست أملك سوى مشاركة الآلاف من المواطنين غضبهم المشروع من الأحداث المؤلمة التي جرت في يوم الأربعاء المشؤوم، لكن سأحاول من خلال هذا المقال القصير أن أركن الغضب جانباً كي أقدم تصوراً مبدئيا لأهم الخطوات التي ينبغي اتخاذها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. أولى هذه الخطوات التأكيد على أهمية الحفاظ على مسند الإمارة والنأي به عن المناكفات السياسية التي تشهدها الساحة المحلية، لذا ليس من المقبول الصمت إزاء ما يحدث، فأمن البلد واستقراره أهم من المصالح الذاتية والمكاسب السياسية. إن الاستمرار في إقحام المقام السامي في الصراع السياسي (بوعي أو من دونه) قد يؤدي إلى آثار خطيرة، أهمها: 1- استحالة الاعتراض المشروع على سياسات الحكومة من دون الوقوع في محظور المادة (54) من الدستور، وفي هذه المسألة تقويض واضح للنظام شبه الديمقراطي في الكويت، إن لم يكن فيها أيضاً استنساخ للنموذج القمعي في دول مجاورة. 2- تهافت شعارات دولة المؤسسات وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، إذ لا يمكن التعامل بجدية مع هذه الشعارات في ظل استخدام الهراوة لفرض هيبة النظام. 3- احتمال انتقال المعارضة السياسية إلى الخارج، ومع أن هذا المسألة لا تعد سابقة في تاريخ الكويت السياسي، فإن تداعيات مثل هذا الاحتمال ستكون وخيمة بالنسبة لاستقرار البلد، خصوصاً في ظل وجود أطماع خارجية من جهة، وتطور وسائل الاتصال من جهة أخرى. على ضوء ما تقدم، أرجو أن تعي الحكومة وأنصارها خطورة استخدام ورقة 'مسند الإمارة' في الاستجواب القادم! نعم، قد تحمي مثل هذه الورقة الحكومة من السقوط، لكنها ستضع إسفينا بين الشعب والنظام! ينبغي الاعتراف أنني لست متفائلاً حول هذه النقطة تحديداً، إذ يبدو واضحاً أن من السذاجة الاعتماد على الحس السياسي لوزراء مازالوا متمسكين بمناصبهم بالرغم من كل شيء! نأتي الآن إلى بقية الخطوات الضرورية التي ينبغي اتخاذها لنزع فتيل الأزمة: 1- وقف الندوات الجماهيرية بأشكالها كافة حتى إشعار آخر، فالوقت ليس وقت مزايدات أو تكسب انتخابي رخيص، سواء كان هذا التكسب من خلال تحدي السلطة أو التزلف إليها! 2- سنّ قانون واضح وصريح لتجريم كل خطاب سياسي يدعو إلى الكراهية أو التمييز بين المواطنين، والأهم من ذلك تطبيق مثل هذا القانون! 3- إجراء تحقيق فوري حول ما جرى من اعتداءات على المواطنين العزّل وبعض نواب الأمة، ومحاسبة كل المسؤولين (المباشرين) عن إهدار كرامة الشعب. لا شك أن هناك أيضا خطوات ضرورية أخرى، لكن الأحداث تتسارع بطريقة لا تتيح التفكير بهدوء لما ينبغي اتخاذه، لذا أرجو من كل من يهمه أمن هذا البلد واستقراره ألّا يبخل في إبداء رأيه حول ما يبغي عمله في مثل هذه الظروف الصعبة. أخيرا، لا أريد أن أختم هذا المقال من دون أن أسجل غضبي المشروع مما حدث في ديوان النائب المحترم 'جمعان الحربش'، خصوصاً مع وجود بعض الأقلام الصحفية التي مازالت تصر على التبرير الفج لما تعرّض له الدكتور المحترم عبيد الوسمي! في هذه الفترة الحرجة، وفي ظل هذا الغضب الشعبي العارم، سأكتفي فقط بهذا القدر، لكن سيأتي الوقت المناسب للحديث بالتفصيل حول هذا الموضوع... لست أعتب كثيراً على أقلام التبرير الفج لإهدار كرامة الدكتور الوسمي، ذلك أن كل الأخلاق النبيلة مجرد صفات مكتسبة، نستقيها من خلال التربية والتعليم، إلا الإحساس الذاتي بالكرامة، فإما أن تملك هذا الإحساس، وإما لا تملكه أبداً!