الاثنين، 29 ديسمبر 2014

شعوب قابلة للاستبدال

أفضل الحكومات أقلّها حُكماً، هذا ما يقوله هنري ديفيد، وبالنظر إلى القبضة الشديدة لحكومتنا غير الرشيدة، فإننا بلا شك أمام واحدة من أسوأ الحكومات في تاريخ الكويت السياسي، ولو أمكن إجراء استطلاع موضوعي حول مدى شعبية النهج الحكومي لعرفت الحكومة قدرها الحقيقي، لكن من حقّ حكومتنا غير الرشيدة ألّا تكترث بتدهور شعبيتها، فالحكومات الديمقراطية هي وحدها من يحفل بالرأي العام لضمان الاستمرار في السلطة، وأمّا حكومتنا فأشبه بالأخ الأكبر، فهي مسؤولة عنّا، ونحن مسؤولون أمامها، كما أنّ بقاءها لا يعتمد على بقائنا إلّا بالقدر الذي يجعل من مفهوم "الحُكم" ممكنا من الناحية المنطقية، ففي نهاية المطاف لا بدّ للحاكم من محكومين، ولا بدّ للأخ الأكبر من أخٍ أصغر.

أجل، ليس بقاؤنا كشعب شرطاً ضروريا لبقاء الحكومة، فالشعوب في دول الخليج قابلة للاستبدال، وقابلية استبدال الشعوب ممكنة لأنّ الوجود القانوني للأفراد مرهون بالإرداة السياسية لحكومات غير ديمقراطية، ففي إحدى دول الخليج، مثلا، تتزامن عملية "التجنيس السياسي" مع سياسة "سحب الجناسي"، وهي السياسة ذاتها التي أضحت أمراً مشروعاً في بلدنا، "بلد الإنسانية"، هذا البلد الذي لم تخجل حكومته من محاولة حلّ قضية "البدون" من خلال فكرة تهجيرهم إلى جزر القمر، وهي فكرة لا تأتي إلاّ من عقلية مؤمنة بإمكانية استبدال الشعوب.

حكوماتنا مثل شوارعنا المزدحمة، فهي من جهة تخلق لديك إحساساً بانّك شخص غير مرغوب بوجوده، وهي من جهة أخرى تدفعك إلى الرغبة في الطيران بعيداً كخيار أوحد! هي أشبه بأقدارٍ عاقت عن أوطار، وفي "مدن الملح" على وجه الخصوص، لطالما عاقت أقدارنا عن أوطارنا، وكما سبق أن كتبت هنا قبل سنوات، قدرنا في الكويت أننا لا نستطيع التمتع في الوقت نفسه بنوعين من الحقوق: حقوق مدنية وحقوق سياسية، ففي فترات التمسّك بالدستور وبالنهج الديمقراطي، تعيش الأقلية تحت وطأة استبداد الأغلبية، فتضيع بذلك حقوق الفرد المدنية، مثل حريات الاعتقاد والتعبير عن الرأي والسلوك الفردي، لكن في المقابل، عندما تنقلب السلطة على الدستور والنهج الديمقراطي، نعود من جديد لنعاني استبداداً من نوع آخر، وأعني به استبداد الأقلية لأغلبية مغلوبة على أمرها، وأول ضحية لهذا الاستبداد هو ضياع أبسط حقوق الفرد السياسية، وأهمها حقّ المشاركة الفاعلة في السلطة.

الخميس، 11 ديسمبر 2014

محاضرة تشومسكي وفلسفة علم اللغة

محاضرة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بعنوان
تشومسكي وفلسفة علم اللغة
26-نوفمبر-2014