الثلاثاء، 4 يونيو 2013

حول مفهوم حرية التعبير


إنّ مفهوم "حرية التعبير" هو الحجر الأساس لأي نظام ديمقراطي، فالتعبير عن إرادة الأغلبية مرهون بتعبير الفرد عن رأيه، وتعبير الفرد عن رأيه مرهون بضمان حرية التعبير، سنحاول من خلال هذا المقال توضيح أهمية هذا المفهوم بالنسبة إلى الفرد والمجتمع على حد سواء.
هناك علاقة وطيدة بين حرية التعبير ونمو شخصية الفرد وتطوير قدراته العقلية، فالتعبير الحر عن الذات هو الذي يسمح بالتمايز بين الأفراد من حيث طبيعة آرائهم وتوجهاتهم ورغباتهم حتى مخاوفهم، وهو الذي يسمح بوجود فرصة لنقاش موضوعي يفضي إلى تلاقح الأفكار واكتشاف حقائق جديدة. عندما تكون هناك مواضيع محرّم الخوض فيها سلفاً، فإن هذا التحريم لن يسلبنا فقط فرصة التطرق لمثل هذه المواضيع، بل إنه يسلبنا أيضاً فرصة إعادة النظر في آرائنا حولها، وبالتالي يسلبنا أيضاً فرصة التطوّر الذاتي والتغيير نحو الأفضل.
نتبجح أحياناً عندما نؤكد أن احترام الصغير للكبير سمة سائدة في مجتمعاتنا المحافظة، لكننا نتغافل عن حقيقة أنّ قدراً كبيراً من هذا الاحترام مبنيّ على مبدأ عدم خوض الصغير في مواضيع قد تثير غضب الكبير! ليس هناك خطأ من دون محاولة، لكن هل من حق الذي لم يحاول شيئاً قط في حياته أن يفتخر بعدم الوقوع في الخطأ؟ بالمثل، ليس هناك اختلاف من دون حرية التعبير، لكن هل من حقنا التبجح باحترام مبنيّ على خوف؟!
عندما نمنح الآخر فرصة التعبير عن ذاته، فإننا في واقع الأمر نمنح أنفسنا فرصة التعرف على حقيقة هذا الآخر، وعندما نسلب هذا الآخر حقه في التعبير، فإننا في واقع الأمر ندفعه إلى أن يكون نسخة طبق الأصل من صورتنا نحن.
تعصف بمنطقتنا العربية رياح التغيير، لكنه تغيير جاء عن طريق العنف، ومثل هذا النوع من التغيير يضمن فقط تغيير شكل الأنظمة السياسية، لكن النسق الفكري والأنماط التقليدية والعادات الاجتماعية ستبقى هي ذاتها ما بقيت حرية التعبير مقيدة، فلا تغيير نحو الأفضل من دون ضمان حرية التعبير، ولا ضمان لحرية التعبير من دون الحد الأدنى من التسامح بين أفراد المجتمع الواحد.

ليست هناك تعليقات: