الخميس، 23 فبراير 2012

منكم الأمراء ومنّا الوزراء

في شهر يوليو الماضي، وضمن ندوة بعنوان “نحو الإصلاح الدستوري”، أشار عضو التيار التقدمي الكويتي الأستاذ أحمد الديين إلى حقيقة أن الوقت قد حان “لإيجاد إمارة دستورية بمعنى الكلمة التي نحترمها جميعاً، وتؤكد أن الإمارة في ذرية مبارك الصباح”، معرباً عن أمله في أن يكون شعار المرحلة هو: “منكم الأمراء يا آل الصباح ومنّا الوزراء”، ومؤكداً في الوقت نفسه حقيقة أن “ميزان القوى في الوقت الحالي في حالة من التوازن بحيث لا القوى الشعبية والوطنية قادرة على أن تتجه نحو اتجاه الإصلاح الديمقراطي ولا السلطة قادرة على أن تعيدنا إلى الوراء”، وحالة التوازن هذه، في رأي الأستاذ الديين “لا يمكن أن تستمر طويلاً بهذا الاتجاه ولا بد من أن تحسم بطريقة أو بأخرى”.سبق أن أشرت في مقال سابق إلى أن الأرض باتت خصبة لتطوير نظامنا السياسي من خلال توسيع المشاركة الشعبية في السلطة، لكن يبدو لي أن القوى الشعبية والوطنية غير مؤهلة لمواكبة المرحلة التاريخية التي تمر بها المنطقة العربية في الوقت الراهن، فبالرغم من مرور خمسين عاماً على صدور الدستور، مازالت تلك القوى عاجزة عن تجاوز “دستور الحد الأدنى” إلى دستور أكثر ديمقراطية، ومازال العمل السياسي مفتقراً إلى التنظيم وموغلاً في الفردية، ومازالت حياتنا السياسية برمّتها مختزلة في مجلس الأمة وأعضائه.عصفت بالمنطقة العربية رياح التغيير فأدركت مؤسسة الحكم خطورة الوضع، ثم ترجمت هذا الإدراك على أرض الواقع من خلال التأكيد على التمسك بدستور 62، والتخلّي عن خيار التلويح بالحل غير الدستوري، والنجاح في إجراء انتخابات برلمانية وصفها المراقبون بأنها نزيهة. لكن في المقابل، ما مدى استيعاب القوى السياسية للواقع العربي الجديد؟ أمام إصرار “الشيوخ” على عدم التنازل عن مواقع القيادة في السلطة التنفيذية، سارعت أهم الكتل النيابية إلى مباركة هذا النهج غير الديمقراطي من خلال التفاوض على حقائب وزارية خارج نطاق وزارات السيادة!شهدت المنطقة العربية ولا تزال حراكا شعبياً أطاح بحكومات غير شعبية، ثم وصل صدى هذا الحراك إلى هنا فأثبت الشعب الكويتي أنه شعب حيّ وعلى قدر المسؤولية، فلم يأخذه الحماس لما لا تحمد عقباه، لكنه أصر على ممارسة حقه المشروع في إسقاط حكومة فاشلة وتشكيل مجلس جديد. لكن في المقابل، ما مدى استيعاب القوى السياسية للحراك الشعبي؟ بوسعنا القول إن البداية لا تبدو مشجعة، فالتركيز على تعديل المادة الثانية من الدستور طغى على أولويات الإصلاح الدستوري الشامل، وبدلاً من الرفض المطلق للحق الدستوري الذي يتيح للوزراء غير المنتخبين التصويت داخل المجلس، اكتفى نواب المعارضة بالدعوة إلى عدم تصويت أعضاء الحكومة القادمة على انتخابات رئاسة المجلس!أخيراً، ينبغي الاعتراف بأن شعار “منكم الأمراء ومنّا الوزراء” لا يلقى قبولاً واسعاً لدى الكثير من أفراد الشعب الكويتي، ولهذه الحقيقة أسباب لا مجال لذكرها الآن، لكن ينبغي الاعتراف أيضا بأن تحقيق مثل هذا الشعار سيؤدي حتماً، من بين أمور أخرى، إلى تقليص مساحة الصراع بين أفراد الأسرة واقتصاره فقط على موضوع الإمارة، وفي هذا حفظ لمكانة الأسرة واستقرار لهذا للبلد.

ليست هناك تعليقات: