الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

قراءة في كتاب «الخصخصة: من مواطنين إلى زبائن» (1)


في العام الماضي، صدر كتاب "الخصخصة: من مواطنين إلى زبائن" عن دار "مكتبة آفاق"، لمؤلفه الزميل د. بدر الديحاني، وقد قرأت الكتاب مرتين، قرأته قبل النشر من خلال مسوّدة الكتاب التي أتاح لي المؤلف مشكوراً الاطلاع عليها، وقرأته بعد النشر في نسخته المطبوعة، وأعترف بأني هممت بتقديم عرض للكتاب هنا في "الجريدة" منذ أن خرج إلى النور في طبعته الأولى، لكنني آثرت الانتظار على أمل أن يقوم بهذه المهمة مَن هم أقدر مني على ذلك، وها قد مضى عام كامل على نشر الكتاب من دون أن يلحظ وجوده أيّ من المحررين الاقتصاديين الذين تمتلئ بهم صحفنا المحلية، ولا عجب ولا غرابة، فعنوان الكتاب يتعارض مع المانشيتات الصحافية البرّاقة حول "فوائد الخصخصة وأهميتها"!
جاءت مقدمة الكتاب متسقة مع عنوانه، فالمؤلف لا ينكر رفضه القاطع للخصخصة المتمثلة في تحويل الملْكية العامة إلى ملكية خاصة، وهذا الرفض القاطع ليس مبنياً على وجهة نظر "دوغمائية"، بل هي وجهة نظر موضوعية، جاءت بعد أن بذل المؤلف جهداً كبيراً في عرض أبرز الحجج المؤيدة للخصخصة وتفنيدها الواحدة تلو الأخرى، وبالرغم من ذلك فإن المؤلف لا يحاول فرض وجهة نظره الموضوعية على القارئ، فهو يعلن منذ البداية أن الهدف من الكتاب هو "المساهمة في إثراء النقاش العام حول موضوع الخصخصة" (ص: 11)، والإشارة هنا إلى "النقاش العام" إشارة مقصودة، فالمؤلف يعلن منذ البداية أيضاً أن الكتاب موجّه إلى المتخصصين وغير المتخصصين على حدّ سواء، وقد انتهج في سبيل تحقيق ذلك منهج الوضوح في عرض الموضوع بأسلوب ميسّر، والمؤلف بذلك ينأى بنفسه عن المنهج النيوليبرالي في تناول موضوع الشأن الاقتصادي، وكأنه "طلاسم ومعادلات وأرقام معقدة وغير مفهومة لا علاقة لها بالإنسان الذي تم تحويله إلى مجرد أرقام صماء" (ص: 10).
حمل الفصل الأول من الكتاب عنوان "الأسس النظرية للخصخصة"، حيث استعرض الكاتب المنطلقات الفكرية للخصخصة والسياق التاريخي الذي نشأت فيه، ثم انتقل في الفصل الثاني إلى توضيح مفهوم "الخصخصة" وأشكالها المتعددة، مع عرض الحجج المؤيدة لها وتفنيد كلّ حجة على حدة، أمّا الفصلان الثالث والرابع فتناولا تجارب بعض الدول الأجنبية والعربية في تطبيق سياسة الخصخصة، ثم انتقل الكاتب في الفصل الخامس من الكتاب إلى تبيان مشكلات الخصخصة المتمثلة في البطالة، واحتكار السلطة والثروة، وغياب العدالة الاجتماعية، وتهديد الديمقراطية مع غياب المساءلة العامة، إلى جانب الفساد المالي والإداري وهدر المال العام، ثم جاء الفصل الأخير من الكتاب ليقدّم بدائل للخصخصة من شأنها تفادي ما سبق ذكره من مشكلات.
يتبع،،،

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

اهلين دكتور ... اسمح لي في البدايه ان اعبر لك عن احترامي واعجابي الشديد بفكرك وقيمك ومبادئك وانسانيتك واللتي اصبحت عمله نادره في هذا الزمن .انا من المؤيدين للخصخصه وقد طبقت في بريطانيا في الثمانينيات ونجحت . من المعروف في الاداره انه كلما صغرت حجم المنشئه كلما سهلت ادارتها فادارت مستشفى خاص واحد افضل من ادارة شركه تدير عشر مستشفيات وافضل من وزاره تدير الف مستشفى . اذا كبر حجم المنشأه تضخم الهيكل الإداري واصبحت إدارته اكثر صعوبه . الفساد في القطاع العام اكبر بكثير لانه ملك عام وليس له صاحب بعكس الملكيه الخاصه .على المدى المتوسط يزداد التوظيف في القطاع الخاص لانه ينمو بينما القطاع العام يحقق خسائر متتاليه ويعتبر هدر للاموال وكمثال شركات القطاع العام في مصر وكمثال ادق شركة عمر افندي في قطاع التحزئه في مصر حيث تم تاميمها في الخمسينيات ولو كانت قطاع خاص لربما تفوقت على شركات مثل زارا او دبنهامز او غيرها . ايضا عندما تدار الشركه بمنطق الربح والخساره تحقق النمو والتوظيف مثل شركة سابك السعوديه . ممكن تجاوز كل سلبيات التخصيص من خلال احتفاظ الحكومه بجزء من الملكيه ٣٠ بالميه مثلا والباقي يباع لمستثمرين وجز يطرح للجمهور في الاكتتاب العام ايضا يمكن معالجة تراكم الثروه في يد قله من الاثرياء من خلال قوانين الضرائب التصاعديه وبذلك تحول المشروع الخاسر الى مشروع يدر اموال الى خزينة الدوله كما هو الحال في الدول الاسكندنافيه . نظام راسمالي مع قوانين اشتراكيه تحقق العداله للمجتمع . الميزه الكبيره في التخصيص هى ان الاداره الخاصه افضل من العامه كخدمه واقل فساد وان كان موضوع البطاله الهام يحتاج الى نقاش اكبر لان التخصيص لا يؤدي الى نمو الوظائف في كل الأحيان ... وشكرا اخوك احمد من الرياض