الاثنين، 7 أكتوبر 2013

حول اليوم العالمي للمعلّم


المناسبات السنوية صنفان: أفراح وأتراح، فذكرى التحرير، مثلاً، تنتمي إلى الصنف الأول، وذكرى الاحتلال تنتمي إلى الصنف الثاني، والفرق الجوهري بينهما هو أنّ مناسبات الأفراح مدعاة إلى البهجة والترويح عن النفس، ومناسبات الأتراح مدعاة إلى التفكير ومراجعة الذات، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن في هذه الأيام هو: كيف ينبغي لنا نحن في الكويت أن ننظر إلى مناسبة اليوم العالمي للمعلم؟ بمعنى آخر، إلى أيّ الصنفين السابقين تنتمي هذه المناسبة؟


ليس من الضروري أن نطرح هذا السؤال على المسؤولين في وزارة التربية، فإجابتهم واضحة من خلال التصريحات الصحافية المشيدة بدور المعلّم، ومن خلال التكريم السنوي لكوكبة من المعلمين المتميزين، بالإضافة أيضاً إلى بعض الاحتفالات الرسمية هنا وهناك، مما يعني أننا أمام مناسبة ينظر إليها المسؤولون في الوزارة بوصفها مناسبة من مناسبات الصنف الأول، تلك التي تستدعي البهجة والسرور، لكن هل هي كذلك فعلاً؟

الإشادة بدور المعلّم تفترض وجود معرفة مسبقة بطبيعة هذا الدور، وتكريم "المعلّم المتميّز" يفترض وجود معيار لقياس التميّز، وكلا الافتراضين لا يتحقق إلا في ظل وجود فلسفة للتعليم، فهل لدينا مثل هذه الفلسفة؟ ليس لديّ أدنى شك في أن لدينا فعلاً فلسفة للتعليم، ولكنها فلسفة رجعية، توارثناها جيلاً بعد جيل، وهي إلى إعادة إنتاج التعليم أقرب منها إلى تطويره أو إصلاحه.

 في ظل هذه الفلسفة الرجعية، يقتصر دور المعلّم على الامتثال إلى قوانين الوضع القائم والتقيّد بها، ومن هنا فإن معيار التميّز يشير إلى مدى امتثال المعلّم لتلك القوانين. إن تميّز المعلّم أشبه بتميّز خطيب المسجد، فكلاهما لا يخرج عن النص كي يبقى دائماً في الصدارة، والثمن هو نيل التكريم والتقدير، لكن النتيجة بطبيعة الحال هي الحفاظ على الوضع القائم وإعادة إنتاج العقول بما يتناسب مع النظام العام.

إذا كان الأمر كذلك- وهو فعلاً كذلك كما سنرى في مقالات قادمة- أليس الأجدر بنا جميعا أن نتخذ من اليوم العالمي للمعلّم مناسبة للتفكير في الوضع المزري للتعليم ومراجعة الذات حول إخفاقاتنا المتلاحقة في إصلاحه؟ ليس من الحكمة أن نعوّل كثيراً على المسؤولين في الوزارة، فالمسؤولية العامة لا تتوافر إلا في نظام ديمقراطي حقيقي، كما لا يمكن أن نتأمل الكثير من "المعلّم المتميّز"، ففاقد الشيء لا يعطيه، لكننا ننتظر اليوم الذي يزداد فيه عدد "المتمردين" في سلك التعليم، أولئك الذين يرفضون الالتزام بالنص لرداءة ما يقرؤون! سننتظر طويلاً بلا شك، لكن لا بأس، فالقدرة على التعايش مع واقع مرير تتطلّب الأمل في غد أفضل.

ليست هناك تعليقات: