الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

في رثاء صديق


وحدهُ الموت تِرياق كل الآلام، فالراغب في الموت راغبٌ عن الألم! مفارقة الألم نهايته وبدايته في آن واحد، فعلى فراش الموت يودع الألم أجساد الأموات ليسكن في قلوب أحبابهم!

أقسى الفجائع تلك التي تأتي مباغِتة، وأشد الآلام تلك التي تتسلّل صامِتة، وأصدق الدموع تلك التي تنهمر خِفية! قاسى “ابن الرومي” الفجيعة بعد أن فقد أحد أبنائه، وتألمت “الخنساء” بصمت بعد أن استشهد أبناؤها الأربعة، وبكى “جرير” في الخفاء بعد أن اختطف الموت زوجته وأم أولاده!
أنْ تفقد إنساناً عزيزاً على قلبك يعني أن تحجز لنفسك مقعداً في قطار الألم، وقطار الألم له محطّات: في المحطّة الأولى، تُنكر وجودك على متن القطار، لأنك تأبى الاعتراف بأحكام القدر، وفي المحطّة الثانية، لا ترى شيئاً من خلف الزجاج، لأن كل الأشياء من حولك أضحت بلا معنى، وفي المحطة الثالثة، لا يصل إلى مسامعك سوى صدى هدير القطار، فأنت منهمك في نشر أوجاعك على حبل الذكريات!
براءة الأطفال لها ما يبررها، فالطفل يجهل أن الموت فراق أبديّ، وبراءة المؤمنين لها ما يبررها، فالمؤمن يحلم دائماً بلقاء جديد، وبراءة المجانين لها ما يبررها، فالمجنون لا يفقه قواعد اللعبة، وما الحياة سوى لعبة، لها بداية ونهاية، وفيها مرح وترح، وتكسوها الأمانة حيناً، ويغشاها الخداع أحيانا كثيرة!
تمر الفصول ويبقى الألم، تهاجر الطيور ويستوطن الألم، تتكرر الألحان ويتجدد الألم! وحدهُ الموت تِرياق كل الآلام، فالراغب في الموت راغبٌ عن الألم! مفارقة الألم نهايته وبدايته في آن واحد، فعلى فراش الموت يودع الألم أجساد الأموات ليسكن في قلوب أحبابهم!
في تجرع مرارة الألم تذكرة للأحياء أنهم مازالوا أحياءً، وهذه هي فضيلة الألم اليتيمة!

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ابكتني المقاله وكأنه عايشيين لكي نتألم ... صبرا جميل وبالله المستعان