الخميس، 30 يوليو 2009

ملاحظات حول البرنامج الانتخابي رؤية الأمل

أعلن التحالف الوطني الديموقراطي برنامجه الانتخابي «رؤية الأمل»، واحتوى البرنامج على جملة من الخطوات المستقبلية التي ينوي «التحالف» العمل على تحقيقها، وسوف أشير من خلال هذا المقال إلى مجموعة من الملاحظات حول بعض ما جاء في هذا البرنامج الانتخابي.
أولا، لعب نظام «الدوائر الخمس» دوراً بارزاً في تحديد شكل الخطاب الذي تضمنه البرنامج، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال محاولة البرنامج إلى التوفيق بين طبقتين اجتماعيتين متناقضتين، فمن جهة هناك طبقة تجارية تهدف إلى تحرير الاقتصاد والدفع ببرامج الخصخصة، ومن جهة أخرى هناك طبقة عاملة تهدف إلى استمرار «دولة الرفاهة» ورعاية الدولة لمواطنيها. محاولة التوفيق هذه لها ما يبررها، ذلك أن «رؤية الأمل» تعبّر عن برنامج انتخابي، ووظيفة أي برنامج انتخابي تنحصر في ضمان أكبر عدد من الأصوات الانتخابية، لكن مرحلة ما بعد الانتخابات ستجبر «التحالف» على تبني لغة أكثر وضوحاً في خطابه السياسي، وذلك من خلال الممارسة النيابية وطبيعة التصويت على بعض القوانين المتعلقة بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي.
ثانياً، تضمّن برنامج «التحالف» نقطتين في غاية الأهمية، الأولى «اقتراح تعديل جميع القوانين المشكوك في دستوريتها»، والثانية «تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية» لضمان حق المواطن في التقاضي المباشر أمام المحكمة الدستورية، ولا شك في أن مثل هذه الخطوات من شأنها الحد من التعدي المتكرر للتيارات الدينية على دستور البلاد، لكن ينبغي أيضا ألاّ نعلق آمالنا كلها على مثل هذه الخطوات، لأن تحقيقها يشترط أولاً منح المحكمة الدستورية سلطات أكبر، وهذا ما يبدو واضحاً من خلال دعوة برنامج «التحالف» إلى ضرورة «تعزيز دور المحكمة الدستورية بما يمنحها سلطة أكبر في نقض القوانين المخالفة للدستور».
ثالثاً، يدعو البرنامج إلى «إصلاح اقتصادي يشجع الاستثمار» من خلال تبني قانون الخصخصة وإزالة العقبات أمام المستثمر الأجنبي، لكنه يحاول أيضا أن يطرح رؤية متوازنة من خلال المطالبة بالحفاظ على «حقوق الموظفين والعاملين في الجهات التي يتم تخصيصها»، والمطالبة أيضا بالدفاع «عن حقوق العمال والموظفين عبر تشجيع النقابات...». لست أريد هنا أن أقحم نظرتي الإيديولوجية الخاصة ضد أي نزعة «نيو ليبرالية» تهدف إلى تفكيك القطاع العام، ذلك أني لست أمام مشروع فكري بل برنامج انتخابي، لكني سأقتصر فقط على طرح السؤال التالي: إذا كان التحالف الوطني الديموقراطي يدعم قانون الخصخصة، فما هو السقف الأعلى لتطبيق هذا القانون؟ بمعنى آخر أكثر تحديداً، ما هي القطاعات الحيوية التي تقع ضمن مشاريع الخصخصة، وما هو موقف «التحالف» من خصخصة القطاع النفطي؟
رابعاً، دعا البرنامج إلى «العمل على الإسراع في إقرار المخطط الهيكلي للدولة لضمان التخطيط المستقبلي السليم»، وهذا يعني أن لدى «التحالف» نظرة إيجابية تجاه المخطط الهيكلي للدولة، ولكن ينبغي أن نكون أكثر حذراً في تبني مثل هذا المخطط من دون تقييم علمي مسبق ومن غير الاستفادة من تجارب الماضي. مثلاً، في عامي 1961 و1963 دعت حكومة الكويت البنك الدولي للإعمار والتنمية إلى إرسال بعثة إلى الكويت لمساعدتها على وضع تخطيط شامل لمدينة الكويت وضواحيها وإلى كيفية الاستفادة من عوائد النفط في دفع عجلة الاقتصاد الوطني، ثم انتهت البعثة إلى إصدار تقرير اشتمل على تحذيرات من سياسة الحكومة آنذاك على شراء الأراضي بأسعار باهظة من القطاع الخاص وإعادة بيعها على القطاع نفسه بأسعار زهيدة، مما أدى إلى توزيع عائدات النفط توزيعاً غير عادل على شريحة معينة من الشعب الكويتي. هذه التجربة من الماضي تدفعنا على الأقل إلى أن نحتاط من سرعة تبني المشاريع الضخمة من دون دراسة متأنية، إذ ليس من مصلحة الشعب الكويتي أن يؤدي «إقرار المخطط الهيكلي للدولة» إلى تحويل جزء كبير من عائدات النفط إلى أرصدة الشركات الكبرى!

ليست هناك تعليقات: