الخميس، 30 يوليو 2009

الكويت بين الدين والقبيلة

المكونات الأساسية لقيام الدولة ثلاثة: أرض، وشعب، وسيادة. عندما تتوافر هذه العناصر، فإن بالإمكان قيام الدولة وفقا لأي شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي. بالإمكان من حيث المبدأ، مثلاً، تصور قيام دولة كاملة على أساس القبيلة، ليصبح الانتماء إلى الدولة في هذه الحالة مشروطاً بالانتماء إلى القبيلة. بالمثل، بالإمكان تصور دولة قائمة على أساس الدين، حيث يكون الانتساب إلى الدولة مرهوناً بالانتساب إلى دين معين. لكن عندما يكون أحد المكونات الأساسية لقيام الدولة، وهو الشعب، عبارة عن خليط من قبائل وأعراق مختلفة، ومزيج من أديان وطوائف مغايرة، فإن فكرة قيام الدولة على أساس مفهوم المواطنة تبدو فكرة معقولة جداً، وفي هذه الحالة يصبح معيار الانتماء إلى الدولة مرتبطاً فقط بمدى ارتباط الفرد ببقعة جغرافية. أريد من خلال هذا المقال أن أبين بعض الأسباب التي تدفعني إلى الاعتقاد بأن فكرة إقصاء القبيلة والدين عن الشأن السياسي يصب في مصلحة الكويت كدولة.
إن أمن الكويت واستقرارها السياسي يتطلبان إبعاد القبيلة والدين عن العمل السياسي، فكلاهما (القبيلة والدين) له امتداد جغرافي يتعدى حدود الدولة، مما يعني فتح الباب أمام بعض القنوات الخارجية في التأثير بالعملية السياسية في الكويت وبأمنها واستقرارها. هناك من تدفعهم النعرة القبلية أو الطائفية إلى القدوم إلى الكويت من دول مجاورة في كل موسم انتخابات لنصرة القبيلة أو الطائفة، وهناك من اشترطوا لتحرير الكويت في أحلك ظروفها أن تقتصر عملية التحرير على جيوش إسلامية! عندما تقتصر القبيلة على المحيط الاجتماعي، ويقتصر الدين على المحيط الفردي، فإن إرادة المواطن السياسية تبقى محصورة ضمن حدود الكويت الجغرافية.
لو نظرنا إلى تاريخ المجتمعات البشرية، سنجد أن الدين والقبيلة يمثلان أحد أهم أشكال التنظيمات السياسية في مرحلة مبكرة من عمر المجتمعات البدائية، ولكن مع تطور المجتمعات البشرية وبروز الدولة ككيان سياسي مستقل، اكتسب مفهوم المواطنة وظيفة مزدوجة، فهو من جهة سمح بتجاوز المفهوم الضيق للقبيلة، ومن جهة أخرى أتاح تجنب المفهوم الواسع للدين. إن الإصرار على تسييس القبيلة (المفهوم الضيق) يؤدي إلى إقامة دويلات داخل الدولة، كما أن الإصرار على تسييس الدين يقود إلى دمج الدولة بدولة «الخلافة الكبرى» (المفهوم الواسع). صحة هاتين النتيجتين تعتمد على مدى صِدق الشعارت السياسية التي يتبناها بعضهم تحت لواء الدين تارة، ولواء القبيلة تارة أخرى.
نضوج العمل السياسي في الكويت غير ممكن في ظل وجود تنظيمات سياسية تعتمد على أساس القبيلة أو الدين، فالسياسة تنتمي إلى منطقة رمادية بين الأبيض والأسود، أي أنها قائمة على المساومة وإيجاد الحلول الوسط، وأما القبيلة والدين فيقتصران على قيمتين متناقضتين، فالعيب عكس الطيب، والحرام نقيض الحلال! ما قيمة الحوار السياسي، مثلاً، مع تيار ديني حول مسألة محسومة سلفاً من منظور الشريعة الإسلامية؟!
ملاحظة على الهامش: يحدث أحياناً في فترة الانتخابات أن تكون ضمائر بعض المرشحين في إجازة، وعقول بعض الناخبين خاملة، والنتيجة الحتمية هي مجلس فاشل في أحسن الأحوال، وفاسد في أسوأها!

ليست هناك تعليقات: