الاثنين، 6 يوليو 2009

1400 بأثر رجعي!


ما إن يظهر اكتشاف علمي مهم، أو اختراع ذو شأن، حتى يتصدى له بعض "علماء" الدين عندنا قائلين: " ليس هذا بالأمر الجديد، إنما هو مذكور في كتابنا المقدس!!" هذا كلام فيه خلط كبير واستخفاف بالعقول، كما يدل أيضا على كفر منقطع النظير بالجهد البشري، و هنا إنما تكمن المأساة!
اكتشافات بعض علماء الدين العلمية لا تأتي إلا بأثر رجعي، كما يقول الدكتور فؤاد زكريا، و هي لهذا السبب بالذات تعتبر اكتشافات عقيمة· ما الفائدة من أن يردد البعض بعد كل اكتشاف علمي حديث، و بعد أن يذاع بين الناس في كل بقاع الأرض، أقول ما الفائدة أن يرددوا قائلين: "هذا مذكور في كتابنا منذ أكثر من 1400 سنة!"؟ الغرض من ترديد هذا الكلام غير المسؤول معروف، فهو يدل على محاولة غير مبررة لإثبات صحة الدين، و هنا تكمن المشكلة برأيي، ذلك أن طبيعة العلم في تضاد مع طبيعة الإيمان، فبينما يستمد العلم قوته من خلال إجراء التجارب للتحقق من صحة نظرياته، نجد أن قيمة الإيمان مرهونة بعدم محاولة إثباته على الإطلاق·
لنضرب مثالا على ذلك: أنا الآن جالس في منزلي، و أؤمن إيمانا مطلقا بأن هناك وردة حمراء في حديقة المنزل، لم يسبق لي قط أن رأيت تلك الوردة و لكني مؤمن بوجودها، هنا يكون إيماني ذا قيمة، لكن ما إن أخرج إلى حديقة المنزل للتحقق من وجود تلك الوردة الحمراء حتى تتلاشى قيمة إيماني، إذ ما قيمة هذا الإيمان إذا كانت الوردة موجودة بالفعل أمام ناظري؟ الإيمان بشيء ما ممكن فقط إذا كان هذا الشيء غير خاضع للإثبات، أما عملية جلب الأشياء و فحصها على طاولة المختبر فتقع خارج نطاق الإيمان، بل و تتعارض مع فكرة الإيمان أساسا·
وضع الدين في موضع المتطفل على العلم فيه مضرة للدين نفسه، و التأكيد على صحة الدين من خلال الاكتشافات العلمية الحديثة إنما هو تأكيد على عجزنا و جهلنا طوال قرون عديدة، فما أكثر ما أنجبت هذه الأمة من المفسرين و حفظة القرآن، ورغم ذلك لم نر أحدا منهم يسبق العلم في اكتشاف حقيقة علمية واحدة! الاستشهاد بالعلم لصالح الدين لا يخلو من خطورة، ذلك أن من المعروف أن العلم لا يستنكف من تصحيح ذاته، و هذا يقودنا إلى إمكانية أن يرفض العلم "حقيقة" علمية كان قد أقرها من قبل، لكن هذا الرفض قد يجيء بعد فوات الأوان، أي بعد الاستشهاد بتلك "الحقيقة" لدعم غير ضروري للدين! من المؤكد في هذه الحالة أن يستميت البعض في الدفاع عن تلك "الحقيقة" التي تبرأ منها العلم نفسه، وهنا يتبادر إلى ذهني السؤال التالي: ما قيمة الاستشهاد بالعلم إذن؟!!
ملاحظة: مازلت أبحث عن نظرية دارون في مناهج وزارة التربية، فأنا أذكر أنها كانت موجودة في كتاب الأحياء على أيامنا! مجرد سؤال بريء: أين اختفت؟!

ليست هناك تعليقات: