الأربعاء، 29 يوليو 2009

دعوة إلى إعادة النظر في قوانين بيت الزكاة


ليس من الحكمة أن نهب الآخرين حجة منطقية للربط بين اسم الكويت وتهمة الإرهاب!

أعلم أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تحرص على «تنظيم العمل الخيري»، وأعلم أيضا أن الوزارة اتخذت خطوات فعلية في هذا المجال، منها اعتماد الوزارة صرف «كوبونات» للجمعيات الخيرية بهدف تقنين العمل الخيري ومراقبته، وتقليص عدد الأكشاك أو إزالتها، وعدم السماح بصرف أموال التبرعات على مشاريع خيرية في الخارج، إلا بعد موافقة البنك المركزي، وهي موافقة مرهونة بموافقة وزارة الشؤون. أعلم كل ذلك، لكن ما يقلقني على وجه الخصوص هو أن كل هذه الخطوات، على الرغم من أهميتها، لم تصل بعد إلى معالجة جذور المشكلة، ذلك أني أعتقد أن الحاجة إلى إعادة النظر في بعض القوانين القديمة أكثر إلحاحاً من الحاجة إلى سن قوانين جديدة.
لنأخذ على سبيل المثال القوانين المنظمة لبيت الزكاة، وهي الجهة التي تشرف عليها الحكومة مالياً وإدارياً، فضمن ما جاء في القرار الوزاري رقم 16 لسنة 1994 بشأن تعديل لوائح وأنظمة بيت الزكاة، وتحت «لائحة توزيع الزكاة والخيرات» الواردة في القرار المذكور، نقرأ التالي:
مادة (5)
تصرف الزكاة على الأصناف الثمانية الآتي بيانها من دون غيرها، وهي:
الفقراء - والمساكين - والعاملون عليها - والمؤلفة قلوبهم - وفي الرقاب -والغارمون - وفي سبيل الله - وابن السبيل.
ثم تبين اللائحة المقصود بتعبير «في سبيل الله» على النحو التالي:
مادة (11)
في سبيل الّله يشمل الفئات الآتية:
1 - المجاهدون المتطوعون:
وهم من كان قتالهم لنشر الإسلام والدفاع عن بلاد المسلمين أو استعادتها، ويشمل الصرف أدوات القتال والعتاد والنفقة الشخصية، ولا يمنع غنى المجاهد من الصرف إليه، ويسترد منه مقابل المدة الزائدة عن المدة الفعلية للتفرغ.
2 - الجهات القائمة بشؤون الجهاد:
وهي من كان قتالها لنشر الإسلام والدفاع عن بلاد المسلمين أو استعادتها، ويشترط أن تكون الجهة ملتزمة بأحكام الإسلام شعاراً ونظاماً وتطبيقاً.
3 - مراكز نشر الإسلام في البلاد غير الإسلامية:
وهي ما كان هدفها تبليغ الإسلام لغير المسلمين بشتى الوسائل والأنشطة الموافقة للكتاب والسنّة.
لا أعلم إلى أي مدى يلتزم «بيت الزكاة» في تطبيق قوانينه، ولكن لا شيء يمنع أي جهة أجنبية من اتهام الكويت بتمويل الإرهاب من خلال الاستناد إلى هذه النوعية من القوانين التي تدعو بوضوح إلى الالتزام بتمويل أي شخص يرغب في «التفرغ الجهادي»، حسب التعبير الوارد في المادة (11) أعلاه والذي يشير إلى «المدة الفعلية للتفرغ»! على ضوء هذه النوعية من القوانين، لن تتورع أي جهة أجنبية عن إلصاق تهمة الإرهاب بدولة الكويت، وإثارة الشكوك حول الأهداف النبيلة لبيت الزكاة! إن من يقرأ المادة (11) أعلاه، من حقه أن يطرح السؤال التالي: هل تم صرف جزء من أموال الزكاة على أشخاص اختاروا «التفرغ الجهادي»؟ الأسئلة التي تبدأ بـ «هل» تحتمل إجابتين فقط، إما «نعم» و إما «لا»، وبخصوص هذا السؤال تحديداً، فإن الإجابة بالنفي تفيد بأن «بيت الزكاة» لا يحترم القانون، والإجابة بالإثبات تشير إلى أن «بيت الزكاة» يموّل المشاريع الجهادية! لماذا يضع القائمون على بيت الزكاة أنفسهم في حرج هم في غنى عنه؟!
قبل عامين، عندما جاء وفد الخزانة الأميركية لزيارة الكويت والوقوف على الخطوات التي اتخذتها دولة الكويت بشأن «تجفيف منابع الإرهاب»، أكد أحد الوزراء للوفد الزائر أن «العمل الخيري في الكويت حقيقي وليس له علاقة بمسألة الارهاب»، ولعل الوزير كان صادقاً في تأكيده، لكنه مهما فعل فلن يستطيع الاستشهاد بقوانين بيت الزكاة لإثبات زعمه، ذلك أن قوانين هذه الهيئة الحكومية ذات الميزانية المستقلة تتعهد بتمويل الراغبين في «التفرغ الجهادي»!
إن إعادة النظر في القوانين المنظمة لبيت الزكاة مهمة وطنية تقع على عاتق القائمين على هذا الصرح الوطني، إذ ليس من الحكمة أن نهب الآخرين حجة منطقية للربط بين اسم الكويت وتهمة الإرهاب!

ليست هناك تعليقات: