الأربعاء، 29 يوليو 2009

نظرات في كتاب الحرية أو الطوفان 2

عندما يكتفي الباحث باعتماد النقل من دون إعمال العقل في ما ينقل، يصبح عندها معرضاً إلى خطرين منهجيين: الوقوع في التناقض، والاستناد إلى معلومة خاطئة. يرى الكاتب، في صفحة 298، أن هدف «الخديوي» في التخلص من سلطة الخلافة العثمانية هو السبب وراء ظهور كتاب «الإسلام وأصول الحكم» للشيخ «علي عبدالرزاق»، ثم ينقل الكاتب عن الشيخ «مصطفى صبري»، في صفحة 301، أن السبب وراء ظهور كتاب الشيخ «علي عبدالرزاق» هو «تأييد ما فعله مصطفى كمال في تركيا من إلغاء الخلافة»!
التناقض الآخر يتعلق بعقد البيعة بين الأمة والإمام، فبينما يؤكد الكاتب في صفحة 16 على حقيقة أن الحكم والسلطة لا تكونان عن طريق التفويض الإلهي، بل عن طريق عقد بيعة بين الحاكم والمحكوم، وهو عقد يشترط رضا كلا الطرفين، يعود الكاتب ليشير في الصفحة التالية إلى الآية القرآنية «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم» (النساء، 65)، ويتخد من هذه الآية دليلاً على «أن المسلمين في المدينة هم الذين يُحكّمون النبي (ص)»، وأن الإعراض عن الاحتكام إلى النبي «يخرجهم من دائرة الإيمان إلى دائرة الشرك بالله»! لاحظ إصرار الكاتب على الربط بين فكرة الخروج على الحاكم وفكرة الشرك بالله والخروج من دائرة الإسلام! لكن عندما يتذكر الكاتب خصومه السلفيين، يعود من جديد إلى التفريق بين الخروج على الحاكم والخروج على الشريعة الإسلامية (انظر صفحة 184).
لدي سؤال محدد للدكتور «حاكم»: إذا كان الإعراض عن الاحتكام إلى النبي (ص) يخرج المعترض من دائرة الإسلام كما تقول، وإذا كان من يخرج من دائرة الإسلام يصبح هدفاً مشروعا لقتاله من قبل المسلمين كما تقول أيضا، فما قيمة اشتراط رضا الطرفين على شروط البيعة في المدينة المنورة؟ بل ما قيمة رضا الطرف الأضعف إذا كان خيار الرفض سيؤدي به إلى التهلكة؟! من جانب آخر، لست أدري كيف يوفق الكاتب بين إصراره على أن الحكم في الإسلام لايكون عن طريق التفويض الإلهي وبين الآية القرآنية «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم»؟
يزعم الكاتب، في صفحة 65، أن الإسلام سبق «جميع الأنظمة والفلسفات الأرضية في ترسيخ مبدأ المشروعية» بين الحاكم والمحكوم، وأن أوروبا لم تعرف هذا المبدأ «إلا بعد الثورة الفرنسية»، ويستند في زعمه هذا إلى رأي الدكتور «عادل الطبطبائي»، حيث يؤكد الأخير أن «وثيقة المدينة» هي بمنزلة «أول دستور مكتوب عرفه العالم»! لو مكث الدكتور «حاكم» ساعة إضافية في مكتبة الجامعة التي درس فيها لعرف أن رأي الدكتور «الطبطبائي» ينتمي إلى طريقة في التفكير تعرف باسم wishful thinking، أو «التفكير الرّغبي»، وهو تفكير يعتمد على الرغبة الذاتية أكثر من اعتماده على العقل والدليل المادي!
لندع الحضارة المصرية القديمة جانباً، ولندع أيضا حضارة «بابل» والملك «حمورابي»، بل لنتجاوز «التوراة» وما احتوى عليه من قوانين مدنية تنظم العلاقة بين الفرد والمجتمع، لنطرح كل ذلك جانباً، لكن ماذا عن «دستور أثينا»؟ وماذا عن رجال دولة مثل «صولون» و«كلايسثينس» وعن الإصلاحات القانونية التي ساهموا من خلالها في إرساء دولة القانون قبل خمسة قرون من زمن المسيح؟ ألم يكتب «أرسطو» أكثر من مئة دستور لأثينا وللدويلات المجاورة لها؟ ثم ماذا عن «روما» وريادتها في مجال القانون؟! من الطبيعي أن يحرص الكاتب على التماس السبق للإسلام في كل شيء إيجابي، ولكن من غير الطبيعي أن يكون ذلك على حساب الأمانة العلمية وإنجازات الأمم الأخرى!
يتبع،،،

هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...

فهد المطيري وتخبط آخر....
يبدو أن علينا تعليمك معنى التناقض، حسنا هل ناقض حاكم نفسه أم هو الهذيان وعدم الفهم؟
أولا: التناقض يكون عندما يتحدث الرجل "نفسه" عن أمرين متباينين فيصدق كلاهما، وهذا لم يقع، إذ تكلم حاكم، ثم نقل كلام شخص آخر، فمهما يكن كلام الآخر، لا يكون الناقل متناقضا أبدا إلا لو نطقت الحمير، فربما لديها رأي آخر.
ثانيا: حتى لو تجاوزنا عقولنا -أخذناك على قد عقلك- وقلنا بجواز وقوع التناقض من شخصين مختلفين (!!) فكلاهما، حاكم وصبري، متفق على أن هدف الكتاب إنهاء الخلافة وهذه هي "القضية" ثم أختلفا في نسبة الأمر للخديوي أو لكمال باشا؟ فالخلاف هنا على أمر فرعي وليس في القضية ذاتها، فلو قال حاكم أن هدف الكتاب حماية الدين ثم نقل كلام صبري، هنا يمكنك -تجاوزا كما أسلفنا- القول أنه متناقض.
شايف الموضوع بسيط ازاي لو شغلت عقلك شوي؟ بس ياخسارة... شكلك مادرست ببريطانيا!
عموما، أما باقي كلامك فوالله أخجل من أن أرد عليه لتفاهته وسذاجته، فسأتركه لك علك تراجعه وتدرك مافيه من فظائع، وأدعوك لتأمل هذه العبارة إذ يقول أحدهم: "أكثر من يتحدث عن العقل أكثرهم حمورية". محبتي 💐

Unknown يقول...

من الممكن ان تعبر عن وجهة نظرك وتكون في الوقت نفسه مؤدب !! الحوار في قضايا فكريه ولا داعي للاسفاف ...