الأربعاء، 8 يوليو 2009

في انتظار جيل جديد

"أنتم أجيال الغد ومستقبل الأمة"!
"أنتم ستكملون المسيرة··"!
"سنسلم لكم الراية عن قريب···"!
هذه شعارات تتكرر بكثرة في الخطاب السياسي- الاجتماعي، وشباب اليوم يصدقون ويرددون دون أدنى تحليل للمضمون المتخلف في ثنايا هذه الشعارات· العقلية التقليدية تنظر إلى الجيل الجديد على أنه امتداد للجيل القديم، يكمل ما قد بدأ، ويضيف على ما هوموجود! قبول شباب اليوم القيام بهذا الدور "التكميلي" هوبمثابة اعتراف بأن بوصلة الجيل القديم تشير إلى الاتجاه الصحيح، ويدل أيضا على استعداد نفسي للسير في طريق قديمة مرسومة سلفا· لا يخطر في ذهن شباب اليوم حتى مجرد التساؤل عن جدوى السير في هكذا طريق، فضلا عن محاولة إبداء الشكوك حول الأفكار القديمة وإعادة تقييمها، أما "محاكمة" الجيل القديم فتبدوفكرة عصية حتى على خيال الجيل الجديد!
إذا قدّر لك أن تستمع إلى حوار بين شابين، أحدهم يدافع عن الشريعة والآخر عن الدستور، فلن تلاحظ اختلافا في المضمون عن تلك الحوارات القديمة والسقيمة للجيل القديم، هذا إذا استثنينا بالطبع الأسلوب الحواري الركيك الذي يمتاز به معظم شباب اليوم! في الكويت لا نقوم بتكرير النفط فقط، بل تكرير الأفكار أيضا، فالمفردات هي نفسها والحجج هي ذاتها! خطاب الجيل الجديد نسخة طبق الأصل لخطاب الجيل القديم، مع بعض التشوهات الشكلية الناتجة عن نظام تعليمي في انحدار مستمر· الجيل القديم فشل في تحقيق أهدافه المعلنة، فليست هناك شريعة وليست هناك ديمقراطية حقيقية، لكنه نجح (مع الأسف) في الحفاظ على وجوده عن طريق التناسخ! في المقابل، الجيل الجديد يجيد التصفيق ورفع اللافتات وتنظيم المظاهرات، لكنه جيل سلبي يقبل ما يسمع على علاته دون تحليل منطقي ونقد موضوعي، إنه جيل يفضل المقاهي على المكتبات، وهوإلى الحفظ أقرب منه إلى الفهم!
ولادة جيل جديد لا تعني امتدادا للجيل القديم، بل على العكس تماما· ولادة جيل جديد تعني ولادة فكر جديد، إنها انقطاع جذري مع السلطة الفكرية للجيل القديم، إنها قوة تمرد على مخلفات الماضي، تحركها رغبة صادقة في البحث عن حلول جديدة وقيم جديدة وحياة جديدة! إذا كان الخلاص من جميع المشكلات العالقة، حسب رؤية الجيل القديم، يكمن إما في الرجوع إلى الدين وإما في العودة إلى دستور 62، فإن ولادة جيل جديد تعني رفضا قاطعا لكلا المسارين، فالدين ينبغي أن يكون في مكانه الصحيح، بعيدا عن دروب السياسة الملتوية، ودستور 62 يجب أن يكون أكثر انفتاحا ليسمح بفكرة وجود حكومة منتخبة، بدلا من قبول الفكرة البدائية لتركيز السلطة التنفيذية في فئة معينة!
لن يكون هناك حوار سياسي- اجتماعي مثمر ومفيد إلا في ظل وجود جيل جديد حقيقي وحر، ولن يوجد مثل هذا الجيل إلا عندما يتدبر شباب الحاضر في تاريخ الحضارات الإنسانية والتعرف على أسباب النجاح والإخفاق، ولن يتحقق ذلك إلا عندما يدرك الطلبة المبتعثون إلى الخارج أن مهمتهم الحقيقية لا تكمن فقط في جلب الشهادة والتفوق الدراسي، بل في البحث المخلص أيضا عن جذور الحضارة التي ينهلون من علمها والوقوف على أسباب نجاحها·
صفقوا، ارفعوا اللافتات، احضروا الندوات، لكن لستم سوى صدى لصوت قديم! هل سنظل أبد الدهر في انتظار جيل جديد؟

ليست هناك تعليقات: