الاثنين، 6 يوليو 2009

سيدي الخادم

سيدي الخادم:
أنت يا سيدي مشغول كعادتك، فلعلك الآن منهمك بتوزيع البريد بين أروقة الوزارة، أو بتنظيف غرفة اجتماعات لم تسفر يوما عن شيء ذي بال، أو بإيصال طفل إلى مدرسة، أو رجل مسن إلى عيادة، أو امرأة إلى سوق! بل قد تقوم الآن بأمور أخرى تافهة بالنسبة لك، لكنها في غاية الحيوية بالنسبة لآخرين، كأن تسكب القهوة-مثلا! انظر، ها أنت الآن تحمل "الدلة" بيسراك، و الفناجين بيمناك، وتطوف أرجاء الوزارة ملبيا نداء غراب ينعق "الدلة··· الدلة"، فتروي ظمأه بينما تحاول إخفاء ابتسامة سخرية ترتسم الآن على شفتيك! ماذا؟ لا أحسبك تعرف أبا نواس و قوله:
و "القهوة" قد يشربها معشر ليسوا إذا عدوا بأكفائها !!
أم أن مبعث سخريتك هو إدراكك لهذه الحقيقية: لو غاب الوزير ذاته عن وزارتة لما أثر غيابه في سير العمل، بل لما لاحظ أحد غيابه، لكن لو غبت أنت لشلت الوزارة و لخرج الجميع في طلبك! أجل··· معك حق، فنحن يا سيدي شعب "مستطيع بغيره" كما يحب رهين المحبسين أن يسمي نفسه، و كما قلده في ذلك عميد الأدب العربي، و مع ذلك لم يخرج من بيننا من هو بمنزلة أبي العلاء و لا بقدر طه حسين!!
سيدي الخادم، هل تذكر عندما التقت نظراتنا عند الإشارة المرورية؟! كانت الشمس يومها عنيدة لا تعرف الرحمة، لئيمة موغلة في القسوة! كنت تقف على الرصيف بهندامك القذر، تكنس الأرض و تروي الزرع، بينما أجلس أنا في سيارتي، أستمع إلى صوت Edith Piaf الخالد، و أنعم بنفحات باردة من مكيف السيارة، و أنظر إليك من وراء نظارة شمسية!! كان هذا المشهد المتناقض يتكرر يوميا، و مع ذلك··· استطعت في كل مرة أن أتحايل على ضميري و أن أعثر على أجوبة ملفقة لأسئلة ملحة عن سخرية القدر و عبثية الحياة!!
بوسعك اعتبار رسالتي هذه رسالة اعتذار! اعتذار عن ماذا؟ عن كل شي!
ختاما، أنتهز هذه المناسبة، مناسبة عيد العمال العالمي، مهنئا مقامكم الشريف بالعيد المجيد، و راجيا لكم دوام الصحة و العافية، فلولا هاتان، صحتك و عافيتك، لما نمت دول و لا ازدهرت مدن! لولاك أنت، يا سيدي، لما صبت القهوة في البيوت و الوزارات، و لما بسطت الموائد و أقيمت العزائم، و لما كانت هناك أعراس و أسواق! لولاك أنت، يا سيدي، لحرم الأطفال من مدارسهم، و النساء من أسواقهن، و كبار السن من مراجعاتهم الطبية! لولاك يا مولاي لصمتت المآذن و لهجرت المساكن و لتوقفت المطاحن!!
مولاي، ما أضيق العيش لولاك، فهنيئا لنا بك، و تعسا لك بنا!!!
ملاحظة: في الوقت الذي يطالب فيه أغلبية الشعب برفع الرواتب، يتظاهر عدد من البنغاليين الشرفاء لنيل رواتبهم، و شتان ما بين رواتب و رواتب!
ملاحظة أخرى: الموقع الالكتروني لجمعية حقوق الإنسان الكويتية لا يزال متوقفا عند العام 2000، أي لم يتم تحديثه منذ خمس سنوات! في أعلى الصفحة كتبت عبارة: أسرى الكويت، ألم يحن الوقــــت لإطـــلاق سراحهم؟! الطريف في الأمر أني وجدت عبارة أخرى على يمين الصفحة تقول: أنت الزائر رقم واحد!!! عنوان الموقع هو:
http://demo.sakhr.com/Ensan/

ليست هناك تعليقات: